الأربعاء، يناير 23، 2008

صبرا أهل غزة فإن موعدكم الجنة

صبرا أهل غَزّة في مثل هذه الأيام الباردة الشاتية .. أحسست إحساسا غريبا ورهيبا وأردت من إخوتي وأخواتي في الله أن يتخيلوه معي
حتى يفكروا في حل جذري غير التنيد والتشجيب والاعتراض ومص الشفاه أو على الأقل يشكروا نعمة الله عليهم فيما أعطاهم فيشكروه بالصلاة والصيام والقرآن . حبيبي في الله : تخيّل نفسك مع أمك وأبيك .. وزوجتك و أولادك .. في ليلة مطيرة ..
و أنتم جميعا في منزل تهدّمت أبوابه .. وتكسّرت نوافذه .. و انقطع عنكم الماء والكهرباء .. أطفالك يصرخون من الجوع والبرد .. و زوجتك الحُبلى يُقطّعها الألم .. و لا تستطيع شراء الدواء لها .. و والداك .. شيخان كبيران .. قد شحبت و جوههما .. و رق عظمهما .. و زاد مرضهما وعناؤهما .. تخيّل نفسك في هذه الحال ..
ولا مال لديك لشراء الغذاء والدواء .. و إذا ضاقت بك الحيلة لطلب العلاج .. خرجت بوالديك و أطفالك .. مشيا على الأقدام في هذا البرد القارص .. مشيت إلى المستشفى .. فإذا به خواء .. ليس فيه إلا الأنين والصراخ .. فعشرات المرضى قد سبقوك .. بأطفالهم .. و نسائهم .. وشيوخهم ..
وهم ينتظرون .. ولكن لا دواء .. و لا أجهزة لأن الكهرباء مقطوعة .. إخواني – إن هذه المأساة التي أعرضها لكم ليست من نسج الخيال .. إنما هي حقيقة .. يعانيها إخواننا المحاصرون في غزة .. إن عرض هذه المأساة ليست تقريرا إخباريا ..
ولكنّه تذكير بالواجب الذي تقتضيه الأخوة الإسلامية من النُصرة ..
{ يقول الله عز وجل : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ،
{و يقول جل شأنه : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ،
وقال صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " . ومن لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم .. إن عرض هذه المأساة تذكير لنا بنعمة الأمن التي نعيشها .. إن عرض هذه المأساة تذكير لنا بأن الغفلة وللامبالاة بما يحل بالمسلمين من نكبات .. قد تؤدي لحلول العقوبة بالغافلين اللاهين .. الذين لا تتمعّر وجوههم .. ولا تتألم نفوسهم .. لِمَا يحُل بإخوانهم .. بلغ عدد الموتى بسبب هذا الحصار .. بلغوا المائة .. و جُلهم من المرضى والأطفال !! إن إسرائيل تتحكّم بـ 80 % من كهرباء غزة .. و 100 % من المياه.. 70 % من الوقود .. يا إخواني – إن الذي يجري في غزة ليس حصارا .. إنما هو حرب إبادة لشعب مسلم ، الهدف منه إثبات قدرة وبطش أخس وأقذر خلق الله . أيها المسلمون- في غزة أكثر من مليون وخمسمائة ألف مسلم .. يواجهون الإبادة الجماعية !!..
لأنهم أرادوا أن يعيشوا أحرارا كرماء .. لأنهم وقفوا في وجه المحتل وقالوا في عزة و إباء : سنقاتلكم - أيها اليهود - بكل نطفة في أصلاب الرجال .. وبكل جنين في أرحام النساء .. وبكل نسمة في الهواء .. وبكل قطرة ماء و ذرة هواء .. ولكن لا ندري هل لوطنية أم لله ، وأتمنى أن تكون ابتغاء مرضاة الله ، وليعتبر كل من يعتز بمصريته ووطنيته ويرى بماذا نفعتهم الوطنية والديمقراطية والعلمانية . معاشر المسلمين – إن إخوانكم في غزة يعيشون مأساة حقيقية .. انظروا ماذا حل بالناس يوم ارتفعت الأسعار .. أو أحسسنا أن هناك تلوثا في المياه أو انفلوانزا في الطيور ........ أو........... أو ............... انظروا كيف ضجر الجميع ..تأملوا كيف يصيب الناس الخوف .. كيف يتأففون عندما تتأثّر و تتكدّر معايشهم و أرزاقهم .. فكيف بمن حياته كلها كدر .. دخوله كدر .. وخروجه كدر .. ونومه كدر .. وقيامه كدر .. يرى البؤس والشقاء في أعين أطفاله .. وفي عظام أبيه وأمه .. أحبتي في الله - إغلاق 4000 آلاف مصنع .. و 3000 متجر عن العمل يصيب الحياة بالشلل .. لم يعد هناك نشاط يسمى تجاريا .. إلا بالمبادلة اليدوية .. تُعطيه زيتونا .. ويعطيك زيتا .. تعطيه دقيقا و يعطيك بيضا .. عادت الحياة إلى نمط بدائي بحت .. إخواني - المياه في قطاع غزة .. تنذر بكارثة بيئية .. فنسبة الملوحة التي يتحملها الإنسان العادي من أجل سلامة الكلي لا تتعدى نسبة في المائة .. ونسبة الأملاح في المياه الملوثة فوق ذلك يكثير .. و لا خيار لهم !! أكثر من 70 % من الأسر يعيشون تحت خط الفقر .. فأين منظمات حقوق الإنسان ! التي تجوب مجاهل إفريقيا .. وتتكلم عن الفقر والمجاعة ؟!! اليوم البؤس و المجاعه موجودة في فلسطين .. بجوار إسرائيل التي تدّعي الديمقراطية ويقول الغرب أنها نموذج الديمقراطية .. الذي يجب أن يحتذى ! فأين هذه الديمقراطية يوم أن اختار فلسطينيون حكم الإسلام ؟! يا إخوان - أكثر من 65 ألف شاب سُرحوا وابعدوا عن وظائفهم .. لا توجد مواد خام تُشغل المصانع .. أو تُوجِد للناس فرص عمل ! أكثر من 80 % من المحصول الزراعي دائما يُعرّض للتلف بسبب الحصار .. فالمزارع السكين يزرع و يحرث ويسقي و يشقى .. من الصباح إلى الغروب .. و إذا حصد محصوله .. قيل له لن تستطيع أن تبيع أكثر من 20 % منه .. والباقي يفسد عندك .. و أمام عينيك .. لماذا ؟ لأنك اخترت الإسلام خيارا !! : { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } . إغلاق المعابر .. إغلاق الطرق .. يجعلهم يخسرون كل يوم الملايين من الدولارات .. و يتوقّع المراقبون أن القطاع مقبل على كارثة بيئية واقتصادية و إنسانية خطيرة .. بسبب نقص الأدوية .. وقلة المخزون الغذائي .. و ارتفاع الأسعار .. و زيادة مستوى التضخم .. أخذ الدواء يتناقص في القطاع .. ومات بسبب ذلك المئات من المرضى .. هناك 450 مريضاً بالسرطان في قطاع غزة ، 400 مصاب بالفشل الكلوي ، ونحو 450 مريضاً بالقلب .. هؤلاء معرّضون للموت جراء عدم توفر الأدوية والأجهزة الكافية لمتابعة حالاتهم ، فضلاً عن منعهم من السفر . ويزامن هذا الحصار حصار من نوع آخر ..حصار العلم و المعرفة .. الذي لا يقل خطرا و ضررا على المدى البعيد من الحصار الاقتصادي و المعيشي .. فلقد منعت سلطات الاحتلال أكثر من 300 ألاف طالب وطالبة من السفر للالتحاق بالمدارس والجامعات الأخرى !! لماذا ؟ حتى لا يعودوا إلى بلادهم أساتذة و خبراء و مختصين قادرين على إدارة شئون بلادهم .. حتى تمتلئ البلاد بالجهلة والأميين والمتخلفين .. ليتحول قطاع غزة إلى قطاع عمال .. يقول أحدهم : لقد رأيت وسمعت عن أناس لم يدخل اللحم في بيوتهم منذ سنة .. بل أكثر .. إلاَّ صدقة أو زكاة ! ويذهبون إلى محلاَّت ذبح الدجاج .. ليعثروا على بقايا أرجلها ؛ حيث يُوفّرها لهم أصحاب تلك المحلاَّت !! و رأينا أناساً يوماً يأكلوا غداءا فقط ، و يوماً آخر يأكلون عشاءا !! وفوق هذا الحصار .. في كل يوم يصبّحهم اليهود و يمسّونهم بغارة .. ترمي فيها الطائرات بمئات الأطنان من القنابل .. التي تُسوى بها المنازل بالأرض .. فما بالك بأجساد الأطفال و النساء و الشيوخ .. أما يكفي هذا الحصار .. أما يكفي التجويع .. أما يكفي المرض .. أما يكفي الإذلال .. مع هذا كله .. القنابل و النار والدمار .. اللهم رحماك يا رب بأهل غزة .. رحماك بهؤلاء الأطفال الرضع .. و الشيوخ الركّع .. وهكذا يُحارَب إخواننا في فلسطين .. يحاربون في لقمة العيش .. في نسمة الهواء .. يحاربون في الدواء .. يحاربون في عقيدتهم وحريتهم .. في حين يُفتح المجال للمنظمات اليهودية و النصرانية في جمع التبرعات و الأموال دون حسيب و لا رقيب !! فصبرا يا أهل فلسطين .. فإن أمم الكفر و لو وقفوا ضدّكم .. بمكرهم وكيدهم .. فإن معكم الفئة التي لا تُغلب .. والمُعين الذي يَخذُل .. ومعكم المَلك الذي لا تنفد خزائنه .. صبرا يا أهل غزة - فإنْ منعوا عنكم الدواء .. و الغذاء .. و الماء .. فإنهم لا يستطيعون أبدا أن يمنعوا عنكم مدد السماء .. قولوا لهم : { أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ . أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ . جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الأَحْزَابِ } . صبرا يا أهل الرباط .. و أبشروا ببشرى النبي .. عندما قال : يا طوبى للشام ! يا طوبى للشام ! يا طوبى للشام ! قالوا : يا رسول الله وبم ذلك ؟ قال : " تلك ملائكة الله ! باسطوا أجنحتها على الشام " . و عن عبد الله بن حوالة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ستجدون أجناداً : جنداً بالشام ، وجنداً بالعراق ، وجندا باليمن " . قال عبد الله : فقمت فقلت : خِرْ لي يا رسول الله ! فقال: " عليكم بالشام ... فإن الله عز و جل تكفل لي بالشام و أهله " . قال ربيعة : فسمعت أبا إدريس يحدث بهذا الحديث يقول : ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه . و عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فنظرت فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام ، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام" . و عن عبد الله بن حوالة أنه قال: يا رسول الله ! اكتب لي بلدا أكون فيه ، فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك . قال: " عليك بالشام .. ثلاثا " . فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم كراهيته للشام قال : " هل تدرون ما يقول الله عز وجل ؟ يقول: أنت صفوتي من بلادي ، أدخل فيك خيرتي من عبادي ، و إليك المحشر ، و رأيت ليلة أسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة ، قلت : ما تحملون ؟ قالوا : نحمل عمود الإسلام ، أمرنا أن نضعه بالشام ، وبينا أنا نائم رأيت كتابا اختلس من تحت وسادتي ، فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض ، فأتبعت بصري ، فإذا هو نور ساطع بين يدي ، حتى وضع بالشام ، فمن أبى أن يلحق بالشام فليلحق بيمنه ... فإن الله تكفل لي بالشام وأهله " . هذه كله ليستبشر كل مسلم في كل مكان في العالم ... وليعلم أن نصر الله قريب ... ولكن من يستحقه هذا هو المهم . فليبحث كل إنسان في حياته وليرى ماذا قدم لهم ليس مالال فقط ولا تموينا فقط ولا سلاحا فقط ولا ما شابه ذلك فكل تلك إمدادات عينية لا معنوية ربانية ولا فائدة منها بلا مدد من الله . فليتب كل مسلم وليعد لربه وليتم ما قصر فيه وليبحث عن شيء في الطاعات لم تفعله لتفعله عل وعسى ان ينفع الله بها أسرة أو أحدا أو حيا بدعوة صادقة وعمل صالح متقبل .
قال تعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ {الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا
ولكن بشرط
{ ألا وهو {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ